Thursday, January 24, 2019

رهف محمد: هل خدم هروب الشابة السعودية ملف حقوق المرأة؟

في الوقت الذي كانت تتابع فيه وسائل الإعلام تفاصيل رحلة الشابة السعودية، رهف محمد، ما بين تايلاند وكندا، تحولت صفحات تويتر الخاصة بسعوديين وسعوديات لساحة احتدمت فيها النقاشات طوال الأسبوعين الماضيين حول سبب هروب الشابة بتلك الطريقة.
وكان من المتوقع أن تتعرض رهف لهجوم داخل المملكة لمخالفتها - علنا - الأعراف الاجتماعية المفروض على السعوديات الالتزام بها، وبسبب الضجة الإعلامية الكبيرة التي رافقت هربها.
لكن ما لفت الانتباه على تويتر كان علو أصوات كثيرة، لرجال ونساء، شككت بأن ما قامت به رهف سينعكس إيجابا على ملف حقوق المرأة في المملكة.
تنتقد أريج الجهني، وهي أكاديمية سعودية مقيمة في بريطانيا، تصوير رهف "كضحية" بعد هربها من عائلتها ولجوئها لدولة غربية، وتقول إن ما قامت به عزز "النظرة الانتقاصية للفتيات السعوديات".
أما شمس، وهو اسم مستعار لأكاديمية سعودية في العشرينات تعمل في بريطانيا وفضلت عدم الكشف عن هويتها، فقالت إنها "ليست متأكدة ما إذا كانت قصة رهف ستدفع بالحراك النسوي للأمام"، لكن أسبابها مختلفة.
فبالنسبة لشمس، قد يؤدي هرب رهف إلى مزيد من الضغط على نساء المملكة.
وتقول: "هذه مرحلة صعبة للنسوية في السعودية وفي المنطقة. صحيح أن رهف أظهرت جرأة، وشجعت غيرها من الفتيات ليكن جريئات، لكن في هذا الوقت الذي تطغى فيه مشاعر القومية المفرطة في حب المملكة يصعب أن تعبر كثير من الفتيات عن أنفسهن علنا، كأن يدعمن مثلا ما قامت به رهف، خوفا من أن يعتبرن خائنات".
وتقول إن قضية رهف "لم تخدم" مطالب فتيات السعودية حاليا، بل عكست الحاجة "لرفع الوعي لدى الفتيات".
رأى كثيرون في رهف نموذجا للشجاعة ولتحدي قواعد خانقة مفروضة عليها كفتاة في السعودية. وبالمقابل، انتقد كثير من السعوديين والسعوديات ما قامت به رهف، واعتبروا قصتها جزءا من "إساءة دول أخرى" للسعودية من خلال "استهداف البنات السعوديات" وحتى "استهداف الإسلام".
ولم يقتنع كثيرون بالسبب الذي دفعها للإقدام على مثل هذه الخطوة.
وأثارت كثير من تصريحات رهف وصور نشرتها على حسابها على تويتر أثناء رحلتها استياء سعوديين رأوا فيها خروجا على تقاليد وثقافة البلد المحافظ، مثل تصريحها بأنها تخلت عن دين الإسلام، ونشرها صورة لها على الطائرة، حين كانت متجهة نحو كندا، وهي تشرب النبيذ، وظهورها في مطار تورنتو مرتدية ثوبا قصيرا.
كما أثار دعم الناشطة المصرية-الأمريكية منى الطحاوي لقضية رهف استياء كثير من السعوديين (وحتى من العرب في دول الجوار) حيث اعتبروا الطحاوي تمثيلا للفكر الغربي. وتعرضت الطحاوي لهجوم عنيف بعد أن نشرت صورتها مع رهف في كندا.
لكن رهف سلطت الضوء على مشكلة العنف الأسري منذ أول تغريداتها يوم 5 يناير/كانون الثاني عندما زعمت أن سبب هربها هو "التعنيف" من قبل عائلتها، وتحديدا من قبل أخيها وأمها، وفق تصريحاتها في مقابلات إعلامية يوم 15 يناير/كانون الثاني.
ومن الأمثلة على ذلك قولها إنها "حبست 6 أشهر" بعد أن قصت شعرها قصيرا بحجة "التشبه بالرجال"، كما قالت إنها كانت تتعرض للضرب وتنزف أحيانا.
وكررت في مقابلاتها الإعلامية انزعاجها من نظام الولاية، قائلة إن والدها كان يتحكم في معاملاتها الحكومية، في حين أن أخاها كان يتدخل في أمورها الشخصية (مثل ثيابها، وأين تذهب ومع من تذهب).
فلأكثر من عام انشغل العالم بتتبع الحقوق التي بدأت نساء المملكة بالحصول عليها وفقا لما يعرف برؤية 2030 التي يقودها ولي العهد محمد بن سلمان، ومن بين تلك الحقوق السماح للمرأة بقيادة السيارة، ودخول الملاعب الرياضية، وحضور حفلات غنائية، والسماح للنساء بدخول مجالات عمل لم تكن متاحة من قبل مثل وزارة العدل. وفي الوقت ذاته، نالت قضية اعتقال ناشطات ونشطاء سعوديين، كانوا يطالبون طوال سنوات بمنح المرأة حق قيادة السيارة، اهتماما على مستوى العالم.

No comments:

Post a Comment